القائمة الرئيسية

الصفحات

فضائل الحج والحكمة من تشريعه

فضائل الحج والحكمة من تشريعه 

فضل الحج

الحج :

شرع الله الحجّ ليكون رحلة خالصة مخلصة لوجهه وفي سبيله، تتوافر فيها رياضة الحسّ والوجدان، وحمل النفس على التجرُّد من زينة الحياة، والإقبال بها على طاعة الرحمن؛ ولذلك كان في الحج انتقال وارتحال، وإعداد للزاد، واحتمال لمشاقِّ السفر وتغير الأجواء، وتجرد من متاع الحياة، حتى في الثياب المألوفة والملابس المعروفة، وإقبال على الله بالحسّ والنفس، والعمل والقول، والذكر والفكر.

شعار المسلم منذ إحرامه هو نداءه ودعاؤه:«لَبّيكَ اللهمّ لَبيْكَ، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». لذلك كان من أول ما يلزم للحجِّ هو النيّة الطاهرة الصادقة التي يعزم فيها المسلم على الرحيل إلى ربه بنفس مؤمنة، وذات تائبة، وهمّة معرضة عن الشهوات والملذات، مقبلة على الطاعات والقربات؛ لأنه سيحل ضيفاً على ربه عزّ وجلّ، حول بيته الذي جعله الله مباركاً وهدى للعالمين. وبيت الله كما علَّمنا الإسلام يحتاج في زيارته إلى طهارة المظهر والمخبر.


الحج 

التخلص من الذنوب والمعاصي :

وقد روى الإمام القرطبي عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أوحى إليَّ: يا أخا المنذرين، يا أخا المرسلين، أنذر قومك ألا يدخلوا بيتاً من بيوتي إلا بقلوب سليمة، وألسنة صادقة، وأيدٍ نقية، وفروج طاهرة، وألا يدخلوا بيتاً من بيوتي ما دام لأحد عندهم مظلمة، فإني ألعنه ما دام قائماً بين يديّ، حتى يردّ تلك الظلامة إلى أهلها، فأكون سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيّين والصديقين، والشهداء والصالحين».

وإذا كان هذا يقال في حق أي بيت من بيوت الله، فكيف بالبيت الحرام الذي يقول فيه بديع السماوات والأرض: (وإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثابَةً للنّاسِ وأَمْناً واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبراهيم مُصَلَّى وعَهِدْنا إلى إبراهيم وإسماعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ للطّائِفينَ والعَاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: 125). ويقول تبارك وتعالى: (جَعَلَ اللهُ الكَعْبةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِياماً للنّاسِ والشَّهْرَ الحَرَامَ والهَدْيَ والقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ وأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَليمٌ) (المائدة: 97).

الترفع عن الأحقاد :

كما شرع الله الحجَّ ليعلم عباده كيف يترفَّعون عن الأحقاد والأضغان، ويتناسَون الشحناء والبغضاء، ويزهقون رُوح الخصومة والمعاداة؛ ولذلك جعل الله موسم الحج فرصة للإخاء والصفاء، والتنزه عن الخلاف والاعتساف، حتى في الكلام والحوار، والتطهر من كل أسباب التمرد والانحراف؛ ولذلك يقول أصدق القائلين سبحانه: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعلوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ ولاَ فُسوقَ ولاَ جِدالَ فِي الحَجِّ ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْه اللهُ، وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى، واتَّقونِي يا أولى الألْبابِ) (البقرة:197

). 

أهمية الحج

الشعور بالأمن والأمان :

إن موسم الحجّ موسم أمانٌ وسلام، يأمن فيه كل فرد على نفسه ومتاعَه، وكلّما تطلَّع المسلم إلى بيت الله الكريم قال، كما كان يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربَّنا بالسلام».

بل إن الحمام نفسه ـــ وهو طائر رقيق ضعيف ـــ يأمن على نفسه، فهو يطير هنا وهناك، وينتقل من مكان إلى مكان، لا يخشى عند الحرم أذى أو عدواناً، وكيف يخشى ذلك وهو في الحرم، وحول البيت الحرام، وفي البلد الحرام، وفي الموسم الحرام، حيث لا يكون اعتداء أو انتقام؟. وهذا رسول الله ـــ صلوات الله عليه وسلامه ـــ يقول عن مكة يوم الفتح: «إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه (أي لا يقطع)، ولا ينفَّر صيده، ولا تلتقط لُقَطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها (أي لا يقطع نباتها الرطب الرقيق ما دام رطباً).

الفوز بثواب الحج :

وهؤلاء هم ضيوف الله حول بيته، كأنهم في صلاة ممتدة الأجل طويلة الأمد، فهم يتحركون ويذهبون ويجيئون، وذكر الله هو الشغل الشاغل لهم، وتصفية قلوبهم هو الأمر المسيطر عليهم، وتطهير نفوسهم هو المقصد الأسمى من رحلتهم، حتى يتحقق فيهم ومنهم الحج المبرور الذي يجعل المرء وكأنه قد وُلِد من جديد، مصداقاً لقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: «ليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة». ولعلّ هذا لا يبعد عن مجال الحكمة في أن يطوف المسلم حول الكعبة طاهراً متوضّئاً كأنه في الصلاة. وقد جاء في الحديث «الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير»


فضل الحج

أهداف الرحلة :

ألا ما أجملها من رحلة، وما أكرمها من ضيافة، وما أعظمها من نعمة وما أجلَّه من فوز مبين...إن الحج فريضة توجِد في الإنسان إذا أدّاها بصدق وإخلاص كثيراً من مقومات الشخصية الاجتماعية المنشودة للمجتمع الحي الدؤوب، فهي تأخذه أولاً بالتوبة، والتطهر من المآثم والمظالم، وتعلمه الرحلة في سبيل العقيدة، والتعب في سبيل المبدأ، وهي تعلمه أيضاً كيف يلتئم وينسجم مع إخوانه في مؤتمر عام ضخم، وهي تعوده كيف تنبسط يده بالبرِّ والإحسان، وتعوده على التضحية والبذل، وحبَّذا لو فقهت ملايين المسلمين هذه الفريضة الجليلة على هذا الوضع، حتى تتضاعف الثمرات من أداء الحج في كل عام.

 الغرض من الحج :

يذهب المسلم الصادق إلى الحج، فإذا وفقه مولاه جل علاه لتأدية الفريضة على الوجه الأكمل، فقد وصل إلى جملة أغراض وعدة مقاصد: إنه يسهم أولاً بشخصه مع إخوانه في الله، في تطبيق الوحدة على أوسع نطاق مستطاع، وهو يزور الأماكن الطيّبة المقدسة صاحبة الذكريات الدينية المجيدة، والنفحات الإلهية العديدة، فيكون له من هذه الذكريات نور وضياء، ومن هذه النفحات غذاء ودواء، ومن التدبر والتفكر إيقاظ وإحياء، والذكرى تنفع المؤمنين.

إحياء الروح :

وهو يرى المشاعر الحرام فيزداد لدين الله إجلالاً، وعلى ربه إقبالاً، وهو يرى بعينه كيف انبعث دين الإسلام الهادي من جوف الصحراء، ومن واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، ومع ذلك عمر هذا الإسلام دنيا الناس بالخيرات والبركات، وزانها بالطيّبات الصالحات، وأخرج من رمال الفيافي ومن جوف الخيام رجالاً صاروا فرسان النهار ورُهبان الليل، فعلموا الدنيا كيف تكون القيادة الرشيدة، والعبادة المجيدة، والجهاد من أجل الحق والخير والعدالة والإخاء.


الحكمة من تشريع الحج


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

العنوان هنا