القائمة الرئيسية

الصفحات

أسباب الهجرة النبوية والدروس المستفادة

 أسباب الهجرة النبوية والدروس المستفادة

الهجرة النبوية

أسباب الهجرة النبويّة :

ظلَّ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة منذ أن بُعث نبيًّا يدعو قومه إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام، واستمرَّ في دعوته هذه ثلاثة عشر عامًا ولم يؤمن معه إلا القليل، ولاقى خلال هذه الفترة من المشركين ما لاقى من صور العذاب والتنكيل به وبمن آمن معه من أهل مكة، وبقيَ المسلمون على هذه الحال إلى أن أذِن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلى المدينة المنورة، وكان تاريخ الهجرة النبوية في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول،

أهم أسباب الهجرة بالتفصيل:

معارضة ورفض أهل مكة للدين الإسلامي :

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو أهل مكة لتوحيد الله وقول لا إله إلا الله، لكنَّهم كانوا يرفضون قولها ويُعرضون عنه استكبارًا وجبروتًا على الرغم من علمهم بأنَّ ما يقوله هو الحق، ثم أصبحوا يَعرضون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأموال وأن يجعلوه سيدًا عليهم مُقابل أن يترك هذا الدين والدعوة ولم يتركه.

وقد وصل بهم الأمر أن قالوا للرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّ نهاية هذا الأمر إمَّا هلاكهم أو هلاكه، وأبرز من وقف ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- عمه أبو لهب والذي كان يمشي بين الناس قائلًا لهم: "لا تسمعوا لمحمد فإنَّه صابئٌ كاذب"، وهكذا قابل أهل مكة الدين الإسلامي بالرفض، والإعراض، وإيذاء المسلمين.


محاولة إيذاء الرسول والتفكيرفي قتله :

 تمادى أهل مكة في إيذاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشتَّى أنواع الإيذاء النفسي، والمعنوي، والجسدي، وممَّا فعلوه به من الأذى الجسدي ضربهم لرأسه الشريف بصخرة كبيرة أثناء سجوده، ووضع روث الحيوانات على ظهره، كما أنَّ زوجة أبي لهب كانت تضع الأشواك في طريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعند باب بيته. أمَّا فيما يتعلق بمحاولات قتله -صلى الله عليه وسلم- فهي كثيرة؛ فقد حاول المشركون بكل جهدهم أن يقتلوا النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- ويتخلَّصوا منه؛ ومن ذلك محاولة عقبة بن أبي معيط خنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه وهو يُصلّي، حتى تداركه أبو بكر -رضي الله عنه- وخلَّصه منه.

كما أنَّهم ضربوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات مرة حتى فقد وعيه، فصار أبو بكر -رضي الله عنه- ينادي: "ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربِّي الله"، فتركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وانهالوا على أبي بكر بالضرب، ولا ننسى اجتماع قريش في دار الندوة ليلة الهجرة لاختيار شخص من كل قبيلة منهم ليجتمعوا سوية في الليل ويقتلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيضيع دمه بين القبائل ولا يُعرف قاتله، إلا أنَّ الله -سبحانه وتعالى- نجَّى نبيه في هذه الليلة، وهاجر بعدها إلى المدينة.


قيام الكفار بتعذيب المسلمين :

 تعرَّض المسلمون في مكة لجميع أنواع العذاب من قِبل المشركين، ومنهم من كانت له المِنعة والعزة من قومه، ومنهم من لم يكن له ذلك، وبكل الأحول فقد تعرَّضوا جميعهم للأذى، والتعذيب، والتنكيل؛ فأبو بكر -رضي الله عنه- على سبيل المثال ضربوه في المسجد الحرام بالنِّعال حتى سالت دماؤه ولم تُعرف ملامحه، ونقلوه إلى بيته وهو يصارع البقاء. كما تعرَّض عثمان بن عفان -رضي الله عنه- للتعذيب من عمه؛ إذ كان يلفُّ حصيرًا من أوراق النخيل حوله ثم يشعل النار من تحته، وهذا مصعب بن عمير حرمته والدته من المأكل والمشرب وأخرجته من بيتها حتى يعود عن إسلامه، والضعاف الذين ليس لديهم نصرة من العبيد والإماء كانوا يُلبسونهم دروعًا من الحديد ويجلسونهم تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي السياق يُذكر عمار بن ياسر، وزوجته، وابنهما وما تعرَّضوا له من العذاب الشديد، ومع ذلك لم يترك أحدهم الإسلام بل ظلوا ثابتين على عقيدتهم، إلى أن أغدق عليهم الله -سبحانه وتعالى- بالفرج العظيم وتحقيق النصر على أعدائهم وإعلاء شأنهم بين الناس.


وجود من يساند الرسول و يشدّ على يده :

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج في مواسم الحج للقاء القبائل ودعوتهم إلى الإسلام، وبينما هو كذلك مرَّ على جماعة من الخزرج فاستأذنهم للجلوس والحديث معهم فأذنوا له، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخبرهم عن الإسلام ويدعوهم إلى عبادة الله وحده، كما تلى عليهم بعضًا من القرآن الكريم، فآمنوا معه وصدقوه ورجعوا إلى بلادهم.

ثم أرسلوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن عفراء ورافع بن مالك يطلبوه أن يبعث إليهم برجل يفقههم في الدين، ويشرح لهم تعاليم الإسلام، فبعث لهم مصعب بن عمير وأمره أن يعلِّمهم الدين ويقرأ عليهم القرآن، وبذلك لم يبق بيت من بيوت الأنصار في المدينة إلا وذُكر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم كانت بعد ذلك بيعتا العقبة الأولى والثانية.

وقد لاقى الإسلام في المدينة انتشارًا واسعًا لم يتوقعه أحد، وبعد الاستقبال الحافل للرسول -صلى الله عليه وسلم- من أهل المدينة، عاهده أهل المدينة على أن ينصروه ويؤيدوه، وأن يقدموا له الحماية كما يحمون أنفسهم، وبذلك أصبح أهل المدينة إخوانًا للمسلمين في مكة ينصرونهم ويقفون إلى جانبهم، وأصبحت المدينة المنورة أرضًا أكثر أمانًا لتكون قاعدة ينطلق منها المسلمون لنشر الدين الإسلامي، فكانت هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها.


نشر الدين الإسلامي :

عند وصول المسلمين إلى المدينة المنورة فعلوا كل ما في وسعهم من أجل خدمة الدعوة الإسلاميَّة ونشرها، ولم يهدورا وقتهم عبثًا، بل استغلوه أيَّما استغلال لخدمة هذا الدين وإعلاء شأنه، ومن ذلك الغزوات والسرايا التي شاركوا فيها، والتي كانت لمناطق مختلفة وكثيرة حول المدينة المنورة، واستطاع المسلمون في المدينة أن يقيموا شعائرهم ويعبدوا الله حق عبادته دون رهبة أو خوف من المشركين، إضافة إلى ممارسة حقهم في الدعوة إلى دينهم والجهاد في سبيل الحفاظ عليه.

الرغبة في إقامة الدولة الإسلامية :

وبدء عهد جديد إنَّ الدين الإسلامي لم يقتصر على العرب وحدهم بل جاء للناس كافة، فيقول -تعالى- لنبيه الكريم:(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، لذلك كان لزامًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجد مكانًا أفضل من مكة المكرمة التي سيطرت الوثنية على أهلها، مكانًا يحفظ له حقوقه باتباع الدين الذي يراه الحق، وكانت المدينة المنورة بيئة مناسبة جدًّا كفلت للدين الإسلامي حقه في الانتشار، إضافة إلى تقديم الحماية لأتباع هذا الدين، وبالتالي سارع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلى المدينة التي أصبحت أول عاصمة للدين الإسلامي.


الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة :

يمكن للمسلم أن يأخذ العديد من الدروس والعبر من قصة هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته إلى المدينة المنورة، وفيما يلي بعض منها: الأخذ بالأسباب والتوكل على الله -تعالى-؛ فقد بذل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام كل ما بوسعهم من أجل تحقيق النجاح لهذه الهجرة. الحفاظ على الصحبة الصالحة والحرص عليها؛ حيث كان الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حريصاً أشد الحرص على صحابته في كل مراحل الدعوة، إذ إنَّ الإنسان يحتاج دوماً إلى الصحبة الصالحة.

حسن الظن بالله وقدرته على تحقيق النصر للمسلمين؛ فلم يفقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمل من انتشار الإسلام وإعلاء رايته، وبالتالي كانت نتائج الهجرة النبوية عظيمة ومبشرة. التعب والمشقة هما من سنن الحياة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- خير قدوة للمسلمين في هذه الهجرة، فهو قائد عظيم شارك أمَّته المعاناة، والألم، والتعذيب ولم يكن بعيدًا عنهم. 



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

العنوان هنا