حق المسلم على أخيه المسلم
حق المسلم على أخيه المسلم |
الأخوة بين المسلم وأخيه المسلم:
إنّ الأخوّة بين المسلمين، ووحدة صفّهم، وتقويّة بعضهم البعض؛ مطلبٌ شرعيٌّ مهمٌ جداً، أمر به الإسلام، وحثّ عليه، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)،وقال رسول الله: (كونوا عبادَ اللهِ إخوانًا كما أمرَكمُ اللهُ)، وقد وضع الإسلام لهذه الأخوّة أحكاماً وآداباً، وحقوقاً وواجباتٍ تُنظّم هذه العلاقة السامية، وتحفظ استمراريتها، وتزيد من المودّة والألفة بين أطرافها، ممّا يؤدي للوصول إلى مجتمعٍ مترابطٍ، يحبّ بعضه البعض، ويتقرّب إلى الله تعالى بتلك الأخوّة بحقوقها، وواجباتها ،
حقّ المسلم على أخيه المسلم :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (حقُّ المسلمِ على المسلمِ ستٌّ، قيل: ما هنَّ؟ يا رسولَ اللهِ، قال: إذا لقِيتَه فسلِّمْ عليه، وإذا دعاك فأَجِبْه، وإذا استنصحَك فانصحْ له، وإذا عطِس فحمِدَ اللهَ فشَمِّتْهُ وإذا مرِضَ فعُدْهُ، وإذا مات فاتَّبِعْهُ)، وفي هذا الحديث بيانٌ لبعضٍ من حقوق المسلمين على بعضهم البعض، وفيما يأتي تفصيلٌ لها، ولغيرها من الحقوق: إفشاء السلام: فإذا لقي المسلم أخاه المسلم سلّم عليه، بأن يقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، ومن واجب الطرف الآخر أن يردّ عليه ويقول: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، فالسّلام يوجب المودة والألفة بين المسلمين،
ويجلب الأجر والحسنات من الله تعالى، فقد قال رسول الله: (والَّذي نَفسِي بيدِه، لا تَدخلُونَ الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنُوا حتَّى تحابُّوا، أَوَلَا أدلُّكُم على شَيءٍ إذا فعلتمُوه تحابَبتُم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكُم).
تلبية الدعوة:
فيجب على المسلم أن يُجيب دعوة أخيه المسلم، سواءً كانت لوليمةٍ، أو أيّ مناسبةٍ أخرى، فإنّ إجابة الدعوات سبيلٌ لاجتماع المسلمين وتحاببهم، خاصةً إن كان الداعي من ذوي الأرحام، فإنّ ضرورة إجابة الدعوة تصبح أكيدةً، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دُعِيَ أحدُكم إلى الوليمةِ فليأتِها)، مع الالتزام على تجنب وجود المحرّمات في تلك الدعوة، ومن الآداب في هذه المسألة، الاعتذار من صاحب الدعوة حال الانشغال وعدم تيسّر الذهاب وتلبية الدعوة.
إعطائه النصيحة:
فيجب على المسلم أن ينصح أخيه المسلم إن طلب منه النصيحة في أمرٍ ما، ويخبره بالحقيقة، ولا يغشّه، سواءً كان ذلك في الأمور الدنيوية، مثل طلب النصح في شراء جهازٍ ما، أو كان في الأمور الدينية، مثل: إرشاده لأداء الصلاة بالطريقة الصحيحة، وغير ذلك من الأمثلة، فإنّ في النصح بين المسلمين رفعٌ للجهل، وإظهارٌ للحقّ، وما هو خيرٌ وأفضل. تشميت العاطس: من حقّ المسلم على المسلم أنّه إن عطس ثمّ حمد الله تعالى، وقال: (الحمد لله)، شمّته أخوه المسلم، وقال له: (يرحمك الله)، فيردّ عليه بقوله: (يهديكم الله ويصلح بالكم)، أو قول: (يغفر الله لنا ولكم)، فقد قال رسول الله: (إنّ اللهَ يحبُّ العُطاسَ ويكرهُ التثاؤبَ، فإذا عطس أحدُكم وحمِدَ اللهَ، كان حقًّا على كلِّ مسلمٍ سمِعه أنْ يقولَ له: يرحمُك اللهُ)،
أمّا إذا عطس المسلم، ولم يحمد الله تعالى، فلا يُشمّت؛ لأنّ العطاس نعمةً من الله، وهو لم يحمد الله عليها. عيادة المريض: فإذا مرض المسلم عاده أخاه وزاره، فإنّ في زيارة المريض الأجر والفضل العظيمين، فهي تُقوّي من عزيمة المريض، وتزيده صبراً وأملاً بالشفاء، وله الأجر والكفّارة من الذنوب. اتّباع الجنائز: من حقّ المسلم على المسلم حال موته، أن يصلّي عليه، ويتبع جنازته حتى يُدفن، قال رسول الله: (مَن اتبَعَ جِنازةَ مسلمٍ، إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يُصَلَّى عليها ويُفْرَغَ مِن دَفْنِها، فإنّه يَرْجِعُ مِن الأجرِ بقيراطين، كلُّ قيراطٍ مثلَ أُحُدٍ، ومَن صلَّى عليها ثم رَجَعَ قبل أن تُدْفَنَ، فإنه يَرْجِعُ بقيراطٍ).
نصرة المظلوم:
فعلى المسلم أن ينصر أخاه المسلم، ويدافع عنه إن تعرّض لظلمٍ، أو اعتُدي عليه، فالعهد والذمّة بين المسلمين في كلّ بلاد الإسلام واحدةً، ولا يجوز موالاة معتدياً أو قاتلاً للمسلمين، ومن فعل فقد خان الله، ورسوله، وجموع المسلمين.
يلتمس له الأعذار:
من حقّ المسلم على المسلم أن يلتمس له العذر، حتى وإن لم يوضّح ويعتذر، وإن اعتذر له فعليه قبول عذره، وتصفية قلبه تجاهه، فإنّ ذلك سيقطع الطريق أمام الشيطان ونزعاته في النفس، فيستحقّ بذلك نصر الله تعالى، ورضاه عنه. عدم الهجران فوق ثلاث: فقد قال رسول الله: (لا يحلُّ لمسلمٍ أن يَهْجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، يلتقيانِ فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخيرُهُما الَّذي يبدأُ بالسَّلامِ)، فلا يجوز للمسلم أن يهجر أخيه المسلم بسبب أمرٍ دنيويٍّ فوق ثلاث ليالٍ، فإنّ ذلك يُكسب الهاجر إثماً عظيماً، ويحول بينه وبين مغفرة الله ودخول الجنة، أمّا إن كان الهجران لأمرٍ ديني، واتّضحت المصلحة من هذا الهجر، بحيث تردع المهجور، وتعيده إلى جادّة الصواب، فلا بأس حينئذٍ في ذلك.
عدم الإستهزاء به السخرية:
من حقّ المسلم على المسلم أن يحترمه، ولا يسخر منه أو يحتقره، وأن يتجنّب أذيته، بل عليه أن يحرص دائماً إلى الإحسان إليه، والتقرّب إلى الله بحبه، قال رسول الله: (بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاهُ المُسلمَ)، وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
أهمية الأخوة بين المسلمين:
إنّ أخوة الإيمان عروةٌ لا تنقطع، ورابطةٌ لا تنفكّ، وأثرها وفوائدها على المسلمين كثيرةٌ وممتدةٌ في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الفوائد:
تحقيق المساعدة لبعضهم والدعم للمسلمين فيما بينهم، ونفع بعضهم البعض في حاجات الدنيا والآخرة. كفّ الشر والأذى عن المسلمين، ومنع وقوع الظلم عليهم، فقد قال رسول الله: (المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ).
الحصول على محبة الله تعالى،
فمحبة المسلم لأخيه المسلم، والتواصل معه في الخير، موجبةٌ لمحبة الله تعالى، ومحو الخطايا، أمّا من آذى أخاه المسلم، أو ظلمه، أو غشّه، فإنّه سيُحرم من محبة الله، ويُخشى أن ينتقم الله منه يوم القيامة. لمّ شمل المسلمين، والإصلاح فيما بينهم، فمتى توحّد المسلمون، وأدّوا ما عليهم من واجباتٍ تجاه إخوانهم، سادت المودّة، وتلاشت النزاعات فيما بينهم.
تعليقات
إرسال تعليق